مدحت بركات يكتب: لعبة محمد علي
«حب الوطن» لا يحتاج إلى «أل التعريف»، فهو يجري في العروق مجرى الدم، يفتدي في سبيله الروح، وإلا ما سالت دماء الشهداء وسقط الملايين دفاعا عن ترابهم الوطني، إلا أٌن لكل قاعدة شواذًا.. وشواذ قاعدة حب الأوطان هي كراهية البلد الذي يحمل اسمه الشخص ويهاجر حاملا جواز سفره بعد أن نهل من ثرواته وخيراته وتعلم في مدارسه ورضع الكبرياء التي تمنحها دولة بحجم مصر لمواطنيها.
في فضاء الميديا الذي يغذيه المال الأسود، يتصيد أصحاب الأجندات الدموية والمخططات الفوضوية، أصحاب النفوس الضعيفة الذين انقلبوا على بلادهم وصاروا لها أعداء، كل همهم تشويهها والدعوة لنشر فوضى الدم فيها وفرض سياسة الاقتتال والفتنة الداخلية، وزرع بذور الشقاق من خلال التشكيك في قادتها وحكوماتها وتخوين أجهزتها وتسويد مؤسساتها وصولًا لضرب اقتصادها ومن ثم استقرارها المجتمعي.
محمد على “الطريد” أحد أشكال هذه الظاهرة المستحدثة من العدم والذي تلقفته أفاعي الهاربين لتسمينه وبث سمومه في جسد البلاد بادئا حديثه الهزلي عن تعاطفه مع المصريين وحرصه على مالهم العام ومستقبل أولادهم، مدعيا أنه يكشف أسرارا عن مؤسسة يقدسها الشعب المصري عبر تاريخه ويكن لها كل تقدير وثقة عمياء محاولا التشكيك في مصداقيتها، متناسيا أن الجيش المصري هو من حقن دماء ملايين المصريين في ثورات الفوضى، ووضع قادته رؤوسهم رهنا في سبيل ألا يهين أحد مصريا واحدا ورفض فكرة اختطاف إرادة المصريين.
حاول “يهوذا الكاذب” أن يضرب عمود بلده الفقري متمثلا في قواته المسلحة وجيشها الباسل، وراح يكيل الاتهامات للرموز هنا وهناك، دون أن يدري أنه مثل الثور الذي يضرب برأسه في صخرة صلدة هي ثقة الشعب في الجيش والعكس صحيح.
حين انتشرت ظاهرة محمد على كنت من المؤيدين لعدم الرد عليه، باعتباره شخصا لا يستحق الرد، إذ باع وطنه في سبيل أنانيته وحب نفسه وماله، لكن مع كثرة الحديث عما يبثه من سموم على مواقع التواصل الاجتماعي وفضائيات إخبارية يقطر منها الغل والكراهية لمصر، دفعني لأقول رأيي في هذا الموضوع.. وحقيقة أني لم أتابع الأمر من بدايته، لكن من وجهة نطري من يحب بلده ويسعى لنهضتها وتقدمها واصلاحها لا يفكر في النيل من قريب أو بعيد من جيشها صمام أمانها، فالجيش المصري خط أحمر بكل المقاييس وتاريخه شاهد على ذلك وأقربها أنه صان مصر وأعادها للمصريين بعد أن حاول الإخوان تدميرها وقد نجحوا في تدمير جزء منها وحرق كثير من المنشآت وترويع المواطنين وقتلهم في الشوارع والأقسام والسجون والوزارات.
الجيش المصري لم ينقذ مصر من إخوان المتاجرة بالدين والدم والسياسة، بل أنقذها من نظام رسخ فيها الفساد والمحسوبية والرشوة وهو نظام مبارك أو على الأقل في العشر الأواخر منه، وهناك من وقع عليه من الظلم أضعافا مضاعفة لما وقع على محمد على، إن صح حديثه وإني لأظنه كاذبا، لكنه لم يطعن بلاده في الظهر ولم يفكر في الخروج من بلاده لهدمها وهدم الدولة المصرية ولكن تحملوا كمصريين شرفاء كل أنواع الظلم والتعذيب النفسي والقسري والذي كان يصل لدرجة الابتزاز والمساومة، تحملوه حبًا لبلادهم واقتناعهم بأن مصر لا تحتمل انشقاقًا آخر ولا تتحمل فوضى قاتلة.
يقينا إن ما يحدث هو حملة مدبرة لتشويه الجيش المصري والتشكيك في الرئيس السيسي وهو أمر غير مقبول ويرفضه كل مصري، فالثقة بين الشعب والجيش هي حجر الأساس لكل الإنجازات العملاقة التي تحققت ولاتزال تتحقق، وهذا الشخص نسى أن يحكي لنا عن السنوات السبع قبل عام 2011 عن علاقته بأنصار مبارك وكيفية جمعه للمليارات في عصر فساد مبارك، أدعو كل مصري ألا يسمع لهذا الشخص الغبي المبتز الذي لبس رداء الوطنية بالكذب كقميص يوسف.. فالمصري الوطني هو الحريص على وطنه ونهضته وإصلاحه في الداخل وتحمل المشاق والمتاعب في سبيل ذلك.
كاتب هذه السطور تعرض في يوم من الأيام لأكثر مما ادعاه هذا الشخص المبتز، لكن تحملت وتحملنا وقاومنا اليأس والحزن والألم والتشويه والظلم لحد القهر، وخرجنا من بلادنا مجبرين ولم نفكر لحظة واحدة أن نلجأ لبلد آخر أو نحتمي بخونة لمحاربة بلادنا، بل دعونا الله تعالى في كل لحظة أن يفك هذا الكرب وأن نرجع لبلادنا مرة أخرى، ونحاول أن نغير أسباب الظلم والفساد حبًا وعشقًا للوطن وأنه لا يمكن أن نعيش لحظة بعيدًا عن بلادنا وأوطاننا.. فالوطن أغلى من أي خسارة مالية وأعلى من أي مصلحة شخصية. نحن مع الجيش ومع الرئيس ونؤمن أن ما يفعله هو لصالح مصر وخدمة أهلها، والله الموفق.
أبناء مصر