صلوا في بيوتكم.. الله لا يريدكم في بيته
هل هناك غضب أشد من أن يغلق الله أبواب مساجده في وجوهنا، جزاءً بما كسبته أيدينا؟
لم يستثنِ الله أحدا من غضبه، لا يريد الله منا أن نزوره، رفض أن يستقبل صلاتنا في بيوته بعد أن رفضت قلوبنا أن تعمر هذه البيوت، رفض الله من لم يركع ركعة لوجهه في حياته، ورفض من داوم عليها في جماعة، ورفض من أفتى ومن أعطى الدروس فيها، بل ورفض من أقام على حصيرها ليلا وتعبد في محرابها نهارا، حتى الكعبة الشريفة، بيت الله المعمور، رفضت أن توسع لنا ركنا في براحها الطيب. رفضنا، ورفض أعمالنا، وحرمنا من الاستئناس والسكينة في بيته.
إن الحرمان من القرب منه، هو أقسى عقاب يمكن أن ينزله الله بنا، وهو أشد من نار جهنم ولظاها، أن نبحث يوما عن بيت الله فنجده مغلقا في وجوهنا، ذلك هو العذاب الأليم، الجميع تكبر وطغى، وبدلا من أن يصبح الدين المعاملة، صار كل شىء بيننا يؤتى بتعالٍ وصلف وكبرياء وظلم، ماتت قلوبنا ولم ترحم، فسلط الله علينا أتفه خلقه، زادت أوزارنا ومعاصينا، فأرانا الله من عجائب قدرته ما جعلنا نلزم بيوتنا كالفئران المذعورة، ترتعد مفاصلنا من مجرد ذكر فيروس قاتل لا يُرى بالعين، الجميع سواء لا أستنثني نفسي منهم، رفضنا الله في بيته الصغير وبيته الكبير، الحرمين الشريفين، فرفضتنا الكعبة وأبت أن يدخلها مثل هذا الإنسان الظالم المتكبر المتغطرس، الذي ظن أنه ملك الدنيا ومن عليها، فراح يفجر بكل شىء، ويعلو علوا كيرا بغروره وجهله وعناده وظلمه، "أيحسب ألن يقدر عليه أحد".
هبت رياح عاتية تنذرنا بمصارع السوء، لم تستثن أحدا، من صلى، ومن لم يركعها، من صام سرا، ومن جاهرا فطرا، الجميع سواء يقفون على العتبة الإلهية التي رفضت أن تفتح لهم بابها، وهذا ما قالته السيدة زينب رضى الله عنها عندما سألت سيد الخلق: "يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم وبهم يبدأ العذاب ".. لأن على رؤوسهم الطير.
لكن من رحمة الله علينا أعطى لنا الإنذار الأخير، والفرصة الأخيرة، أن تذهب فتتطهر وتصلي في بيتك، فيصفو قلبك، ويخلص عملك، لعل الله يتوب عليك، فتعود إلى رشدك وفطرتك الذي فطرك الله عليها، أما أن تظل على حالك، تمارس صلفك وعنادك وجهلك وغرورك وظلمك، فأنت على نفسك بصيرا.
أعطى الله لك الفرصة الأخيرة، وهي الصلاة في بيتك، فلا تجعل للشيطان عليك سبيلا، فيأتي يوم وتحرم حتى من نعمة هذه الصلاة، فتكون من الخاسرين.