الكورونا وتحقيق المعجزة
أظهرت أزمة وباء الكورونا مدى ضعف الدول، كبرى كانت أو صغرى، وأن الجميع يعاني من ضعف الإمكانيات، وأصيب العالم بالخوف والهلع من امتداد الأزمة وحدوث انهيار اقتصادي ومجاعات في الدول الفقيرة، وأصبح الجميع على مقربة من الموت إما مرضا أو جوعا.
وعلمنا ديننا الحنيف أن نأخذ من الأزمة العبر والدروس كي لا تحدث مرة أخرى، ولكي نجتاز كل الظروف الصعبة بنجاح، لذلك يجب علينا في مصر أن نستغل الأزمة والمحنة بأن نخرج بالدروس المستفادة مما حدث، وسيحدث وأن تظهر عقول تلك الأمة العظيمة في هذا الوقت العصيب، لتحول الهزيمة لنصر، والاندحار إلى علو وانتصار.
فالعالم الآن سوف يتغير، وعالم ما قبل الكورونا لن يكون عالم ما بعد الكورونا، من حيث التكتلات وأنماط التفكير الاجتماعي والاقتصادي والمذاهب الفكرية.
فلنتوقع عالما جديدا يجب علينا في مصر أن نحجز لنا فيه مكانا بين الكبار، وإلا سوف نضيع مع من سيكتب عليهم ذلك، آن الأوان أن ندخل عالم الكبار وهذا من حقنا، وأن نكون من أقوياء الدول، وهذا من عظمة مصر وشعبها، وهذا لن يأتي إلا بالجهد والعمل.
علينا تبني سياسات جديدة من شأنها نكون من أعضاء عالم الكبار والأقوياء، من عالم الأغنياء، لأن عالم ما بعد الكورونا سيكون عالم الأقوياء، وليس هناك مكان للصغار والضعفاء بين أعضائه.
علينا اتخاذ سياسات اقتصادية جديدة، تعتمد على الصناعة والزراعة، وكفانا الاقتصاد الرعوي الذي شاهدنا مدى ضعفه وهشاشته أمام فيروس صغير، أو أمام عملية إرهابية قبل ذلك.
نريد نهضة علمية وتعليمية حقيقية تأخذ مصر في فترة عشر سنوات أن تكون لاعبا حقيقيا وأساسيا بين لاعبي العالم من الكبار، نريد اهتماما حقيقيا بصحة الإنسان المصري تحت برنامج تأمين صحي شامل.
نريد استغلال تلك الأزمة بأحداث نهضة حقيقية شاملة في مصر، تعتمد على ثلاث محاور "تعليم وصحة ونهضة" في قطاع الصناعة والزراعة.
أثق تماما في مدى وعي من يحكم مصر على طول الزمان، من عهد محمد علي وحتى الآن، أنه يستطيع أن يحقق النهضة في تلك البلاد، متى حسنت النوايا وكان العزم والتصميم، ومصر وشعبها قادرون.
فلنتخذ من لحظات الضعف والمحنة التي نعيشها الآن، كي تكون بعدها لحظات الانطلاق إلى مجتمع النهضة والوفرة، ومجتمع الكفاية، وهذا ليس بصعب، بل هو يسير متى تضافرت جهود الحاكم وشعبه على تحقيق النهضة.
فلتكن سنوات ما بعد الكورونا هي سنوات الحلم والأمل والعمل، سنوات انتظرناها كثيرا، وأنا واثق أن الجميع مستعد لتلك اللحظات الحاسمة في تاريخ الشعوب.
نريد مرة أخرى أن يكون المصري سيدا في وطنه، وعزيزا بين أهله، نريد مجتمع الكفاية، لينعم في مصر المصري بثروات بلاده، ولا يخرج خارج الحدود باحثا عن لقمة العيش، بل نريد أن نستعين بالأوربيين ليعملوا لدينا كما كنا بالسابق.
نريد اقتصاد مصري عظيم وعملة قوية يتسابق الجميع على اقتنائها وأهلا بالأشقاء العرب كي يعملوا لدينا بكل الحب والاحترام، نريد مصر الكبيرة مصر، القوية ، مصر العظيمة.
هذا ليس بعيدا، وليكن تاريخ من سبقونا من الأمم أمام أعيننا كي نكون واثقين من تحقيقه، ويجب أن نثق في مقولة إنه لن يبني مصر إلا المصريين، وليكن راسخا في أذهاننا أن الأمم العظيمة خرجت من رحم العجز والفقر والمرض، وهذا لا يعيبنا.
كل ما علينا أن نقوم من وعكتنا وكلنا ثقة في أنفسنا وقيادتنا، بأننا قادرين على خلق مصر جديدة قوية غنية متقدمة في كل نواحي الحياة، وكلي ثقة في أن الروح القوية لهذا الشعب العظيم تظهر في أوقات الشدة والهزيمة والمحنة.
وليكن شعارنا مصر الجديدة لن تبنيها إلا سواعد أبنائها، ولتكن أزمة الكورونا هي المحرك لتلك النهضة، ولتكن عودتنا إلى الله ومصر، هي الحافز لنا كي نخرج من عثرتنا ونحقق كل ما نصبوا إليه في دولة عصرية، قوية غنية وعزيزة.
وحفظ الله مصر وشعبها العظيم.