السبت 21 ديسمبر 2024 مـ 07:20 مـ 19 جمادى آخر 1446 هـ
موقع الصفوة
الشبكة الإقليمية تثني على وعي الشعب السوري وتحض على منع الانتقام وزير المالية: إصلاح اقتصادي شامل لتحفيز الاستثمار ودعم النمو المستدام.. «صور» وزيرة التضامن تلتقي سفيرة الاتحاد الأوروبي الجديدة عقب توليها مهام عملها بمصر الشربيني: مصر مستعدة لتقديم خبراتها ومشاركة نجاحاتها في مجال التنمية العمرانية مع أشقائنا بتونس رئيس الوزراء يتابع مع وزير الاتصالات مستجدات العمل في عدد من الملفات وزير الإسكان يعرض التجربة العمرانية المصرية على نظيره السوداني وزيرا الرياضة والتعليم يوقعان بروتوكول تعاون بين الوزارتين النقابات المهنية تواصل العمل لتحقيق أعلى جودة في خدمات الرعاية الصحية بأقل تكلفة السيسي يستقبل نظيره الإندونيسي في قصر الاتحادية الصحة تعلن إضافة دواء مناعي جديد لعلاج مرضى ”سرطان الكبد” أحمد مكادي: الريف المصري ومستقبل مصر قاما بخلق شراكات بين الاقتصاد الزراعي المصري والاستثمار العربي والأجنبي ”دكان الفرحة” يوفر 38 ألف قطعة ملابس جديدة لرعاية 7000 طالب وطالبة في جامعتي جنوب الوادي والفيوم

مدحت بركات يكتب: المهلة الأخيرة لإنقاذ ليبيا

مدحت بركات
مدحت بركات

فى عُرف السياسة، تستمد الدول قوتها من حضارتها وتاريخها وقوتها الشاملة سواء الثقافية أو الحضارية أو الاقتصادية أو العسكرية، فضلا عن تأثيرها الإقليمى، وكل ما سبق تتمتع به مصر، واسطة العقد فى الشرق الأوسط وبوابته الشرعية للتجوال فى المنطقة.

ولأن مصر كبيرة وقوية، فهى تتصرف بناء على هذا الأساس، وتتعامل مع الكبار بمنطق الند للند، ولأنها الوحيدة القادرة على السيطرة على أزمات منطقتها، طرحت على لسان قائدها الرئيس عبدالفتاح السيسى مبادرة «الإنقاذ الأخيرة»، إن جاز التعبير، لانتشال الشقيقة ليبيا من براثن الفوضى والدمار والنهب والتخريب التى تقودها ميليشيات المرتزقة وحكومة المحتل التركى أردوغان، عبر عميله فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطنى التى لم تنل من اسمها شيئا، فهى أبعد ما تكون عن سياسة الوفاق الوطنى، بل ذهبت وتركت نفسها لعبة فى يد المقامر التركى يحركها كيف يشاء، يستغلها فى إحراق بلده ومحاربة شعبه واستخدام قتلة مأجورين لترويع مواطنيه، وسرقة نفطه وسيادته، ما دفع قيادات ليبية وطنية وشعبية لمحاكمته بتهمة الخيانة العظمى.
عودة للمبادرة المصرية التى تعد الفرصة الأخيرة قبل انهيار كل شىء فى الجارة الغربية لمصر، فقد ارتكزت على عدة أمور، أهمها إخراج المرتزقة والمسلحين الأجانب من الأراضى الليبية ووقف التدخل التركى السافر واعتداءاته على سيادة دولة عربية مستقلة.
وشدد الرئيس عبدالفتاح السيسى في 6 يونيو 2020، على أنه لا يمكن أن يكون هناك استقرار فى ليبيا إلا إذا تم إيجاد وسيلة لتسوية سلمية للأزمة، تتضمن وحدة وسلامة المؤسسات الوطنية، تكون قادرة على الاضطلاع بمسؤولياتها تجاه الشعب الليبى، وتتيح لها فى نفس الوقت توزيع عادل وشفاف للثروات الليبية على كافة المواطنين، وتحول دون تسربها إلى أيدى من يستخدمونها ضد الدولة الليبية.
وفى سياق طرحه المبادرة، حذر الرئيس السيسى سماسرة الحروب والمرتزقة ودعاة الحرب ونهب الثروات من مغبة الإصرار على تقديم الحل العسكرى، فى سياق تأكيده أيضا على أن أمن ليبيا هو أمن مصر والمنطقة، وأن القاهرة لن تسمح بالمقامرة على حدودها فى رسالة مبطنة إلى البهلوان التركى الذى يعيش فى أحلام الماضى البائد وأضغاث أحلام الإمبراطورية العثمانية المحتلة، وأن مصر لن تسمح باحتلال أراضى ليبيا ونهب ثروات شعبها، وكأن المبادرة المصرية بمثابة الحل الأخير للنزاع الليبى قبل أن تنفتح أبواب الجحيم على أولئك الذين رهنوا تاريخ بلد عظيم مثل ليبيا بمجموعة من لصوص الأوطان والمرتزقة العابرين للبحار.
ويتضمن «إعلان القاهرة» احترام كافة الجهود الأممية لحل الأزمة الليبية فى إطارها السياسى، ووقف إطلاق النار بعد 48 ساعة فى عموم الأراضى الليبية، وتفكيك الميليشيات، وتسليم أسلحتها إلى الجيش الوطنى الليبى، وطرد المرتزقة الأجانب إلى خارج البلاد، وضمان تمثيل عادل لكافة أقاليم البلد الثلاثة لإدارة الحكم فى ليبيا وإجراء انتخابات نزيهة، وعدم استحواذ أى ميليشيات على أى من مقدرات الليبيين، وإطلاق إعلان دستورى ينظم العملية السياسية فى البلاد.
وحذر السيسى من إصرار أى طرف على البحث عن حل عسكرى للأزمة الليبية، وأشار إلى أن المبادرة المطروحة تدعو لوقف إطلاق النار بداية من الثامن من الشهر الجارى وإخراج الميليشيات الأجنبية من ليبيا.
بلاشك أن زيارة القائد العام للجيش الليبى المشير خليفة حفتر للقاهرة فى هذا التوقيت، تتزامن مع الموافقة المبدئية التى أشادت بها الأمم المتحدة والدول العظمى وبعض الدول العربية، منها مصر والإمارات لعودة الحوار بين الأطراف برعاية الأمم المتحدة فى جنيف.
مبادرة السلام المصرية حازت على تأييد ودعم مختلف دول العالم، تقديرًا لمكانة مصر بالمنطقة وفى مقدمتها الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وغالبية دول أوروبا والدول العربية الهامة، ما يؤكد على الرؤية المصرية الشاملة لقضايا المنطقة وأمنها.
زيارة حفتر إلى مصر وقيامه بعقد مباحثات مع مسؤولين مصريين تزامنت مع زيارات قام بها الطرف الآخر إلى تركيا، وكل هذه المعطيات تؤكد ما دار من مشاورات الأيام الماضية والضغوط الدولية التى طالبت بوقف إطلاق النار والعودة للحوار.
وإن كنت أشك فى أن الحوار لن يصل إلى نتيجة حقيقية على أرض الواقع بسبب تعثره فى الأساس بسبب الاختلاف الجوهرى، واستسلام السراج رئيس حكومة الوفاق الوطنى لتعليمات أردوغان، بطريقة تدعو للتعجب وعصية عن التفسير، إذ كيف يقبل قائد سياسى بأن يحكمه محتل، عبر دعوة رسمية وترحيب ممزوج بالخيانة والتواطؤ .
من كل ما سبق، يؤيد حزب أبناء مصر الذى أشرف برئاسته، المبادرة المصرية ودعمها بكل قوة، باعتبارها الفرصة الأخيرة لانتشال ليبيا من محتل غاصب جاء على ظهور قادة لا يؤمنون بسيادة بلادهم.
وإذ يثمن حزب أبناء مصر مبادرة الرئيس السيسى لجمع الفرقاء الليبيين، فإنه يؤكد على سيادة الدولة الليبية ووحدة أراضيها، وأن شعبها هو الوحيد الذى يقرر مصيره.