السبت 21 ديسمبر 2024 مـ 07:10 مـ 19 جمادى آخر 1446 هـ
موقع الصفوة
الشبكة الإقليمية تثني على وعي الشعب السوري وتحض على منع الانتقام وزير المالية: إصلاح اقتصادي شامل لتحفيز الاستثمار ودعم النمو المستدام.. «صور» وزيرة التضامن تلتقي سفيرة الاتحاد الأوروبي الجديدة عقب توليها مهام عملها بمصر الشربيني: مصر مستعدة لتقديم خبراتها ومشاركة نجاحاتها في مجال التنمية العمرانية مع أشقائنا بتونس رئيس الوزراء يتابع مع وزير الاتصالات مستجدات العمل في عدد من الملفات وزير الإسكان يعرض التجربة العمرانية المصرية على نظيره السوداني وزيرا الرياضة والتعليم يوقعان بروتوكول تعاون بين الوزارتين النقابات المهنية تواصل العمل لتحقيق أعلى جودة في خدمات الرعاية الصحية بأقل تكلفة السيسي يستقبل نظيره الإندونيسي في قصر الاتحادية الصحة تعلن إضافة دواء مناعي جديد لعلاج مرضى ”سرطان الكبد” أحمد مكادي: الريف المصري ومستقبل مصر قاما بخلق شراكات بين الاقتصاد الزراعي المصري والاستثمار العربي والأجنبي ”دكان الفرحة” يوفر 38 ألف قطعة ملابس جديدة لرعاية 7000 طالب وطالبة في جامعتي جنوب الوادي والفيوم

خوخة وغزال المدينة

طارق سعد
طارق سعد

ليس هناك أجمل من أن تسبح فى خيالك وتتلقى ما يحركه ويترجمه كحالة خاصة، مستقلة فأنت تستمع للصوت وتترجمه لصورة لتبني عالمك من خلال أحداث ينقلها لك الراديو.

منذ نشأة الراديو تعاقبت أجيال كثيرة على محطاته المختلفة، وخرج منه عظماء حفروا أسمائهم بحروف من ذهب وسط محطات إذاعية محدودة، تقدم للمستمع ألواناً مختلفة من الإبداع هي الأصعب على الإطلاق، فالاعتماد على الصوت وروحه كسلاح وحيد لامتلاك جمهورك عمل لا ينجح فيه إلا من امتلكه، ولا يتميز فيه ويصنع شعبية وجماهيرية إلا من أعطاه الله من هذه المواهب والإمكانيات "حتة زيادة".

قليلون من استطاعوا كتابة أسماءهم بشكل جماهيري، خاصة من تحملن تاء التأنيث على رأسهن، "أبلة فضيلة" إحدى علامات الإذاعة، و"آمال فهمي"، و"سناء منصور"، وتظل هذه الأسماء وتستمر فى التواجد بنفس الوهج والتقدير رغم تعاقب الأجيال.

فى العصر الإذاعي الحديث تطور الراديو ليفرز محطات خاصة شبابية بدأت بـ "نجومFM."، وهي المحطة الأم التي فتحت الباب على مصراعيه لـ "تنجيم" الراديو ومذيعينه، وجعل الشارع لأول مرة يتعامل مع الراديو بشكل جديد وعصري، ويتفاعل معه ويعرف أسماء المذيعين ويتابع برامجهم التى أصبحت برامج جماهيرية وأصبحوا هم نجوم فى صناعة جديدة.

الحقيقة أن مجموعة "نجوم.FM" حققت نجاحات مدوية صعبت الطريق على الدفعات التالية للراديو، رغم أنها فتحت باباً جديداً كان متوراياً ومقتصراً على نوعيات خاصة للعمل به، فبعد "أكرم حسني وإيهاب صالح وإيناس ثروت ووسام وجدي وهبة الجارحي"، ووصولهم لمرحلة نجوم النجوم، لم تعد هناك بصمة واضحة لأغلب الدفعات الإذاعية التالية، رغم تعدد المحطات وامتلاء خرائط برامجها، إلا أنك تظل تشعر دائماً أن هناك "حتة ناقصة" وكأن المجموعة السابقة كانت تمتلك شفرة خاصة!

فى ظل هذا التعدد والبصمات المختلفة البعيدة عن الخصوصية، تظهر بصمتان مميزتان تعيدان للبرامج الإذاعية سحرها ورونقها، وفجأة تجد الجمهور يزحف إليهما دون مجهود، وتكتشف أنك عدت لمتابعة هذه البرامج مرة أخرى بعد تخمة وملل، وتنتظرهما بشغف وتتفاعل معهما للدرجة التى تشعرك أنهما جزء من برنامجك اليومي.

"خوخة وغزال المدينة" أو "خلود نادر ولينا صالح" بترتيب الأقدمية، نجمتان تحولتا إلى رأسي حربة الراديو، بعد أن استطاعتا تحقيق شعبية جارفة وتواصل جماهيري كبير أعاد المستمع للمتابعة بشغف واللهث وراء مواعيد برامجهما، و"تثبيت" جمهورهما ملاصقاً للراديو حتى انتهاء بثهما.

خلود وغزال

"خلود نادر" نجمة محطة "نغم" والتى نجحت وسط هذا الزحام أن تصنع لنفسها شكلاً خاصاً فى الأداء والمحتوى الذى تقدمه، نجحت أيضاً فى الصمود به لسنوات، ولا يختلف أحد أن قوة "خلود" وسحرها يُكتنز فى صوتها والذى تتشابه فيه أحبالها الصوتية مع "منى زكى"، وهو ما ساعد فى انتشارها منذ البداية، بجانب خلطة "شيك" من الرقة والعذوبة والذكاء وسرعة البديهة، جعل الجمهور لا يشعر أنه يستمع لبرنامج إذاعي بل يأكل "قطعة جاتوه".

"خلود" نجحت أيضاً فى الحفاظ على لياقتها الإذاعية وتأمين طريقها بنجاحات مختلفة فى كل ما تقدمه، حتى ساهمت فى فترة سابقة فى إدارة برامج المحطة، فتتأكد أن "الحلوة خوخة ماجاتش بعد دوخة"، ولكنها تعمل وتجتهد وتطور من نفسها لتصبح في خيال مستمعيها "سندريلا" التى تخطف القلوب بمجرد وصول أول موجة من موجات صوتها إلى أذنك، لتبقى "خوخة" هى فاكهة "نغمFM" والراديو كاملاً بلا منافس.

ينتظر "خلود" فقط التمرد بتقديم عملا غير تقليدي وغير متوقع كما تنتظره هي تماماً، وفى وقت تلاقي الشتات ستحقق نجاحات جديدة خارج الصندوق.

أما "لينا صالح" نجمة محطة "شعبي"، والتى أصبح اسمها ولقبها الرسمي "غزال المدينة"، بعدما منحه لها جمهورها فى تركيبة خاصة، وأصبحت تمتلك شعبية كبيرة فى الشارع، ليس فقط وسط الشباب ولكنها تخطت لتصل للكبار والصغار والطبقات البسيطة أيضاً، وهو النجاح الجماهيري الحقيقي لبرنامج يتم بثه فى ساعة الذروة وسط الزحام، فتجدها ضيفة رئيسية فى السيارات الملاكي والأجرة والنقل، لتكتشف أنها بالفعل "غزال المدينة" الذى يتنقل برشاقة غير طبيعية بـ "ملوك الزحمة".

"لينا" صنعت لنفسها شكلا وأسلوبا حواريا مختلفا، تعتمد فيه على التلقائية بخفة الدم الطبيعية، وهو ما جعل الجمهور يتفاعل معها بشكل هيستيري، وأثبتت أنها قادرة على اجتذاب المستمع بفكرة ومحتوى وأداء هو فى الحقيقة صعب، لأنه يحتاج مواصفات وإمكانيات خاصة حتى تستمر متابع لساعتين كاملتين دون ملل، وهو ما صنع حالة جديدة ومبهجة تدفع بالاقتناع الكامل أن "لينا" تجلس معك ولا تنطلق من داخل الراديو.

يبدو أن جينات "لينا" كانت مفتاحها الرئيسي لهذا النجاح الساحق، فلن تندهش عندما تعرف أنها ابنة الإعلامية الكبيرة المحبوبة"منى الحسيني"، صاحبة البصمة الرمضانية التاريخية ورائدة برامج الحوارات الجريئة بـ "حوار جرئ جدا"، وتحتفظ بحب الجمهور حتى بعد ابتعادها عن الشاشة لسنوات طويلة، وتشاركها ابنتها نفس الكاريزما الجماهيرية، وعليه لن يجد عشاق "لينا" حرجاً فى أن يعبروا لها عن حبهم الشديد "بنحبك.. بنحب أمك".

"خوخة وغزال المدينة" لم تشتركا فقط فى النجاح وتتقاسما تورتة الراديو، ولكنهما أيضاً عانتا من سوء الحظ التلفزيوني، فلم تنجح تجاربهما التليفزيونية لسوء التنفيذ وقتها، فكان التوقيت غير ملائم فى وقت كانت البلاد تترنح والإعلام فاقد لتوازنه كجزء من الحالة العامة وقتها، لتعودا وتسيطرا على الراديو بامتياز.

قد يبدو لك من الوهلة الأولى أن هناك منافسة بين "خلود ولينا" ولكن العكس تماماً صحيح..

فكل منهما طبعة مخالفة تماماً عن الأخرى، وصنف مختلفة لوجبة متكاملة بمذاق بعيد عن المقارنة ففى الوقت الذى تجد فيه "خلود" قطعة الجاتوه طبق الحلو .. أو تراها "خوخة الفاكهة المسكرة الطعمة" تجد فى المقابل "لينا" الوجبة الشعبية الـ "حرشة" التى تحتاجها باستمرار لتجد نفسك بين صنفان رئيسيان يكملان وجبتك ولا تستطيع التنازل عن أي منهما.

الأجمل هو الصداقة القوية التى تجمعهما والتى تشعرك برابط أخوة بينهما.

حالة إذاعية شيقة وممتعة تستحق الحب والتقدير والاستمتاع بمجهودها حصرياً على موجات ........

"خوخة وغزال المدينة".