هل يستطيع السراج صرف ”الشياطين” من ليبيا؟
الترحيب العربى والدولى، “السريع” على ما صدر من بيانات مفاجئة عن “السراج وعقيلة” بالوقف الفورى لإطلاق النار على مختلف الجبهات الليبية، والشروع فى عملية سياسية متكاملة بالدعوة إلى انتخابات عامة فى مارس القادم، يمثل انتصارا لسلامة القرار المصرى ودعوتة الصارمة بضرورة وقف اطلاق النار، كخطوة أولى نحو الحل السياسى على قاعدة أن يكون الحوار ” ليبى ليبى” ومع خروج كافة التنظيمات والميليشيات الإرهابية المتطرفة من المرتزقة العرب والأجانب.
وبالرغم من أن بيان” الفرقاء” الليبيين تزامنا فى توقيت واحد ومفاجىء، وتوافقا فى عدة نقاط أهمها وقف اطلاق النار الفورى وخروج كافة الميليشيات والتنظيمات الارهابية المتطرفة المسلحة من ليبيا على حد بيان السراج والذى سيظل فى إطار المناورة مدعوما من تركيا لكسب الوقت، بخلاف التباين حول مستقبل “مدينة سرت ونزع سلاحها” وهو ما رفضه الجيش الوطنى الليبى جملة وتفصيلا، ومسألة عائدات النفط وفتح حساب خاص بها فى المصرف المركزى الليبى وهو ما تعارض مع رؤية عقيلة صالح فى ضرورة أن تكون عائدات النفط الليبى فى حساب بالمصرف المركزى بالخارج وتحت رقابة دولية.
قد تكون نقطة البداية صحيحة فى السير قدما باتجاه خفض عوامل توتر التصعيد العسكرى فى ليبيا بوقف فورى لإطلاق النار، وحتى الخط الأحمر “سرت الجفرة”، والإسراع في تقزيم الدور التركى ووقف تدخله فى الشأن الليبى بوصفه مشروعا احتلاليا والتأثير على مجريات العملية السياسية اذا ما استمر بقاؤه كلاعب مخرب فى ليبيا، وهو أمر مرفوض مصريا وعربيا وليبيا ودوليا.
ويبقى السؤال، هل يستطيع السراج فك الارتباط مع تركيا والغاء كافة الإتفاقات الاقتصادية والتجارية والعسكرية معها لتذهب أدراج الرياح؟ وهل لديه من الشجاعة أن يطلب من تركيا نقل كافة أسلحتها وعدتها وعتادها وإعادتها إلى تركيا؟
أيضا بيان الوفاق حمل “بالون اختبار” وورقة ضغط على “الجيش الوطنى الليبى” الذى من المؤكد سيرفضها وبشكل قاطع فكرة نزع السلاح من “سرت والجفرة” بوصفها صمام الأمان والرادع لأية خروقات عسكرية، كما أن مسألة الترتيبات الأمنية هى محل شك لشرعنة حل تكتيكي، بعد عجز تركيا عن تخطى الخط الأحمر على مدار أكثر من شهرين، وأن محاولة اختراقه ببيان معلوم مقاصده بإجراء ترتيبات أمنية مشتركة من قوات شرطة عمادها من الميلشيات والمرتزقة والتنظيمات الارهابية المتطرفة للإنقضاض على ” الهلال النفطى” ولتنفيذ ما عجز عنه أردوغان والسراج فأرادا الحصول عليه عبر بيان “هش” قد لايصمد كثيرا بسبب ما يحتويه من مراوغات والتفاف على حقائق واضحة على الأرض.
ويبقى السؤال، هل لدى حكومة الوفاق القدرة والسيطرة على تفكيك وإجبار كافة التنظيمات الارهابية المسلحة على الخروج من “طرابلس أو مصراتة” إلى حيث كانت؟ ولماذا لم يجري نزع السلاح من قبل المسلحين من مختلف التنظيمات والميليشيات الإرهابية فى مصراتة وطرابلس؟
وبالرغم من ذلك فما ورد فى بيان “الفرقاء الليبين” خطوة ايجابية فى حد ذاتها، وبما يقتضى التعامل معها بكل حذر، على أن تكون تلك الخطوات المقبلة جاده وفاعلة لتنفيذها، وربما قد تكون مفاجأة وغير متوقعة من الجانب التركى لإطالة أمد الأزمة وإستثمارها اقتصاديا وعسكريا وفق مخطط مشترك جرى تدبيره بليل بين الثلاثى “السراج وتركيا والممول القطري“، والذى ظهر عبر شاشات القنوات الأخبارية العربية فى مشهد أثار استياء وغضب الرأى العام العربى وفى الداخل الليبى، وعزمهم اقامة قاعدة عسكرية بحرية وجوية تركية فى ميناء مصراتة، وبما يتناقض كليا مع بيان السراج.
المؤكد أن مصر وقيادتها السياسة تدرك جيدا كل أبعاد الموقف فى ليبيا سواء فى الغرب أو الشرق عبر إدراتها للملف الليبي بكل حزم وبهدوء ووعى كامل بمصالح مصر وليبيا، على قاعدة واضحة المعالم بالتمسك بوحدة الأراضي واستقلال القرار الليبي، ولجم أحلام الطامعين فى لييبا وانطلاقا من الأمن القومى المصرى والعربى بأن أى تهديد أو خروج عن الخط الأحمر سيواجهه بالقوة الغاشمة.
ويبقى السؤال: هل ستطوى قريبا صفحة الصراع والإنقسام فى الداخل الليبى بالوصول إلى تسوية متكاملة؟ ننتظر لنرى ما يجرى على الساحة الدولية.