د. رحاب غزالة تكتب: مؤشرات التمكين السياسي للمرأة في مصر
يمكن أن نستعرض أهم مؤشرات تمكين المرأة المصرية سياسيا على النحو التالي:
المرأة في السلطة التنفيذية:
أ. الوزراء:
حصلت المرأة على 6 حقائب وزارية داخل مجلس الوزراء بنسبة 18% من إجمالي عدد الوزراء بالحكومة الحالية وذلك مقابل 6% عام 2015، و2.8% عام 2013. والوزيرات هم: وزيرة البيئة “ياسمين فؤاد”، وزيرة التعاون الدولي “رانيا المشاط”، وزيرة الثقافة “نيفين الكيلاني”، وزيرة التضامن الاجتماعي “نيفين القباج”، وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج “سها جندي”، ووزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية “هالة السعيد”.
ومن الملاحظ هنا أن النساء تقلدن وزارات أقرب إلى الأدوار التقليدية للنساء التى يفرضها المجتمع، عدا استثناءات محدودة تنحصر فى وزارات الاستثمار والتعاون الدولي والتخطيط، بينما كانت ولا تزال المناصب الوزارية السيادية حكرا على الرجال.
ب. الوظائف الإدارية العليا:
تطور وجود المرأة في وظائف الإدارة العليا، حيث زادت نسبة النساء كنواب للوزراء من 17% عام 2017 إلى نحو 22.2% عام 2022 بواقع سيدتين من أصل 9 نواب وهما: نائبة وزير الاتصالات لشئون التطوير المؤسسي “غادة لبيب”، ونائبة وزير السياحة والآثار لشئون السياحة “غادة شلبي”.. وبلغ عدد معاونات الوزراء 41.4% في عام 2019، بينما وصلت نسبة النساء فى منصب نائب محافظ إلى 30.4% فى عام 2019.
بلغت نسبة تولي المرأة في المناصب القيادية داخل الوزارات وفقًا لتقرير متابعة أنشطة الوزارات 2019-2020 الصادر عن المجلس القومي للمرأة حوالي 34.4% في وزارة التنمية المحلية، و33% في هيئة البترول والشركات القابضة، وفي وزارة الكهرباء بلغت حوالي 43%، ونحو 40% في وزارة الصحة و43% في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
ويُذكر أنه في عام 2020، ارتفعت نسبة النساء بمجالس الإدارة بالبورصة إلى 10.1%، وبالقطاع المصرفي 14.8٪، وبقطاع الأعمال العام 6.1%، وبهيئة التنظيم المالي 11٪، وبلغت نسبة القيادات النسائية في المناصب التنفيذية 7.1 ٪ وهي أعلى من المتوسط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذى يقدر بـ 5.4٪، وبلغت نسبة النساء رئيسات تحرير المجلات 18%، ورئيسات تحرير الصحف القومية 18%، وأصبح نصيب المرأة من تشكيل المجلس القومي لحقوق الإنسان فى عام 2021 نحو 44%.
ووصلت المرأة إلى مناصب لم تصل إليها من قبل حيث ولأول مرة تم تعيين مستشارة الأمن القومي لرئيس الجمهورية، وتم تعيين أول نائبة لرئيس البنك المركزي المصري، وتم تعيين المرأة ذات الإعاقة والمرأة الريفية في عضوية المجلس القومي للمرأة، وتم تعيين 17 سيدة بمناصب قيادية عليا بوزارة الأوقاف، وأول رئيسة للإدارة المركزية للشئون الفنية بوزارة الأوقاف.
وكانت وزيرة التخطيط “هالة السعيد” أكدت في 2019 أن نسبة النساء في المناصب القيادية في الجهاز الإداري تتراوح بين 27 و28%.
ج. الإدارة المحلية:
– وحدات الإدارة المحلية:
تعتبر نسبة تمثيل المرأة في وحدات الإدارة المحلية المختلفة ضعيفة جدا، فلا يوجد سوى عدد محدود يشغلن منصب نائبات محافظ ورؤساء الأحياء والعمد، وللمرة الأولى فى فبراير 2017 تم تعيين المهندسة “نادية عبده” فى منصب محافظ البحيرة، وذلك لاختبار التجربة وتعميمها، إلا أن حركة المحافظين التالية خلال عام 2018 شملت سيدة واحدة فقط، حيث تم تعيين الدكتورة “منال عوض” محافظًا لدمياط، وتم تعيين 5 سيدات في منصب نواب المحافظين، وفي آخر حركة للمحافظين عام 2019 تم تعيين 7 سيدات بمنصب نواب المحافظين من أصل 23 نائبًا وذلك بنسبة 30.4%.
– المجالس المحلية:
لأول مرة في الدساتير المصرية نص دستور 2014 على تخصيص ربع المقاعد للنساء في المجالس المحلية، ولكن لم يتم إجراء أي انتخابات حتى الآن، وكانت آخرها فى عام 2008، حيث كانت نسبة تمثيل المرأة 7.4%، وفيما يلي جدول يوضح نسب تمثيل المرأة منذ 1983 وحتى 2008:
د. السلك الدبلوماسي والقنصلي:
بلغت نسبة تمثيل المرأة في الكادر الدبلوماسي المصري عام 2021 نحو 30% من إجمالي عدد الدبلوماسيين، وهو ما يعكس حرص وزارة الخارجية واهتمامها بانضمام المرأة إلى العمل الدبلوماسي، كما تتقلد السيدات مناصب قيادية رفيعة بوزارة الخارجية، حيث تشغل سفيرتان منصب مساعد وزير الخارجية، كما تشغل العديد من الدبلوماسيات مناصب قيادية أخرى، من بينها على سبيل المثال شغل 18 منهن منصب نائب مساعد وزير الخارجية، كما تتولى ما يزيد على عشر سفيرات منصب رئيس بعثة دبلوماسية وقنصل عام بالخارج، وبذلك ترتفع النسبة بـ7.5% عن عام 2012 حيث كان تمثيل النساء في السلك الدبلوماسي والقنصلي يبلغ 22.5%. وعلى الرغم من ذلك لا تزال نسبة النساء ضعيفة مقارنة بالرجال فى شغل هذه الوظائف.
المرأة في السلطة التشريعية:
أ. مجلس النواب:
حصدت المرأة فى انتخابات مجلس النواب عام 2020 نحو 162 مقعدا فى البرلمان (نظام التعيين 14 سيدة، 148 سيدة بنظام الانتخاب) من إجمالي 564 مقعد، بما يمثل قرابة 27% فى مجلس النواب وهى النسبة الأعلى للمرأة في تاريخ البرلمان المصري مما جعل مصر تحتل المركز الـ16 عالميًا، والأول عربيًا فى تمثيل المرأة فى مجلس النواب عام 2020.
ب. مجلس الشيوخ:
بلغت نسبة النساء في مجلس الشيوخ 14% بواقع 41 مقعدا من إجمالى 300 مقعد، وعُينت إمرأة لأول مرة في منصب وكيل مجلس الشيوخ. ويمكن توضيح أن نسبة تمثيل المرأة في آخر انتخابات لمجلس الشورى “مجلس الشيوخ حاليا” عام 2012، بلغت “2.7%”.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن آلية تخصيص المقاعد “الكوتا” أسهمت فى زيادة أعداد النساء فى البرلمان، إلا أن هذا الإجراء يظل منقوصا طالما لم يسهم فى دمج النساء فى العملية الانتخابية وتعزيز قدراتهن فى كسب ثقة جمهور الناخبين.
3- المرأة في السلطة القضائية:
أ- المحكمة الدستورية: تم تعيين قاضية – الدكتورة “فاطمة محمد أحمد الرزاز” عميدة حقوق حلوان – نائبة للمحكمة الدستورية العليا في عام 2020 وهي ثاني سيدة تُعين بالمحكمة منذ إنشائها في عام 1969 بعد المستشارة الراحلة تهانى الجبالي التى عُينت فى 2003 .
ب- القضاء العالى: بلغ عدد القاضيات نحو 66 قاضية مقسمين إلى 6 بدرجة رئيس استئناف، و16 نائب رئيس استئناف، و32 رئيس محكمة ، و13 بدرجة قاضى، وذلك بعدما تم تعيين 31 قاضية فى عام 2007، ثم تعيين مجموعة أخرى فى عام 2008، ثم مجموعة ثالثة فى عام 2015 تضم 26 إمرأة عينت كقاضيات محاكم الدرجة الأولى. وحتى الآن يعتبر هذا عدد قليل حيث يوجد ما يزيد عن 16 ألف قاضي.
ج- هيئة قضايا الدولة: بلغت نسبة القاضيات بهيئة قضايا الدولة نحو 20% خلال عام 2021. وتم تعيين 6 سيدات من المستشارات نائبات لرئيس هيئة قضايا الدولة فى 2017، وتعيين امرأتين في المناصب القيادية الأولي الأمين العام مساعد لشئون المرأة والعلاقات الإنسانية كأول مستشارة تتولى هذا المنصب في تاريخ قضايا الدولة والأمين العام مساعد لشئون الموظفين .
د- النيابة الإدارية: تصل نسبة أعضائها من النساء 43%، بواقع 1988 قاضية من إجمالي 4635 عضو، ويوجد 30 مديرات نيابه في سابقة هي الأولي من نوعها حتى أغسطس 2021.، فضلا عن شغل خمس سيدات منصب رئيسة هيئة النيابة الإدارية. كما باشرت 23 عضوة من عضوات النيابة سلطة الإدعاء أمام المحاكم التأديبية المختلفة حتى مارس 2021، وذلك فى سابقة هي الأولى من نوعها لتقلد المرأة هذا المنصب فى تاريخ عمل النيابة.
هـ. مجلس الدولة: تم تعيين 98 قاضية بمجلس الدولة فى أكتوبر 2021، وذلك بالنقل من هيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة. كما أصدر الرئيس “السيسي” في يونيو 2022، قرار رقم 247 لسنة 2022 بتعيين 39 من عضوات هيئة قضايا الدولة وهيئة النيابة الإدارية بوظيفة مستشار مساعد من الفئة “ب” بمجلس الدولة، ليصبح عدد المعينات بمجلس الدولة 137 قاضية بمجلس الدولة.
وجلست القاضية “رضوى حلمي أحمد علي”، على منصة مجلس الدولة للمرة الأولى للسيدات في مارس 2022، ولأول مرة فى تاريخ مصر يتم فتح الباب للإناث للتقدم لوظيفة مندوب مساعد فى مجلس الدولة عام 2022.
وتجدر الإشارة إلى أن مجلس الدولة لم يشهد منذ إنشائه عام 1946 إعتلاء قاضيات على منصات محاكمه، إذ ارتبط ذلك باتجاه المجلس لرفض تعيين الإناث كقاضيات.
و – النيابة العامة: تم تعيين 11 قاضية بالنيابة العامة وذلك للمرة الأولى بعد موافقة المجلس الأعلى للقضاء بناء على طلب قدمه النائب العام المستشار حمادة الصاوي، لنقل 11 قاضية للعمل بالنيابة العامة بدرجاتهن المقابلة بالقضاء للعمل بالنيابة العامة للعام القضائي 2021/ 2022، ولأول مرة أيضا يتم فتح الباب للإناث للتقدم لوظيفة معاون نيابة عامة وذلك فى عام 2022.
وعلى الرغم من التقدم الملموس على صعيد تمكين المرأة فى السلك القضائي، إلا أنه من المُلاحظ مما سبق اتساع الفجوة النوعية داخل الهيئات القضائية لصالح الرجال، واختلاف نسبة تمثيل النساء داخل كل هيئة عن الأخرى.
4- المرأة فى الأحزاب السياسية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني
لاتزال مشاركة المرأة فى الأحزاب السياسية ضعيفة جدا لا تتخطى 5%، لاسيما وأن معظم الأحزاب لا تنص لوائحها على تخصيص نسبة معينة للنساء. كما أن المرأة لم تتول منصب رئيس حزب سياسي أو متحدث رسمي له أو أمين عام، فيحتل الرجال مثل هذه المناصب وينحصر دور المرأة فى لجان المرأة والأعمال الاجتماعية والخدمية وتنظيم الفعاليات والندوات.
وعلى مستوى النقابات المهنية البالغ عددها نحو 25 نقابة، نجد أن لوائحها لا تراعى البعد النوعي ولا يتم تمثيل المرأة بها بشكل عادل، فنجد على سبيل المثال إمرأة واحدة عضوة فى مجلس نقابة المحاميين من إجمالى 18 عضوا، فضلا عن أن أغلب النقابات لا توجد بها لجان للمرأة. كما لا تشغل المرأة منصب نقيب عدا نقابة التمريض ونقابة الفنانيين التشكيليين.
وفيما يتعلق بالمنظمات الأهلية، تتضح الفجوة بين تمثيل الرجال والنساء فى مواقع صنع القرار بها لصالح الرجال وذلك على الرغم من مشاركة النساء فى العمل الميداني والإداري إلا أنه يتم استبعادهم من المناصب القيادية، خاصة فى المجتمعات الريفية التى لا تزال تسيطر عليها الثقافة الذكورية.
وبشكل عام، ونتيجة الخطوات الجادة التى اتخذتها الدولة المصرية فى مسار تمكين المرأة على الصعيد السياسي، أحرزت مصر تقدما بنحو 48 مركزًا بمؤشر التمكين السياسي للمرأة في التقرير العالمي للفجوة بين الجنسين لتصل لأفضل مستوى له منذ 10 سنوات، إذ شغلت المركز 78 عام 2021 مقارنة بالمركز 126 عام 2011، كما تقدمت 70 مركزًا بمؤشر تمثيل المرأة في البرلمان، إذ شغلت المركز 66 عام 2021 مقارنة بالمركز 136 عام 2020.