كمال حسني المطرب الذي نافس عبد الحليم حافظ
مات وحيداً.. كمال حس
أربعة وتسعون عاماً مرت علي المطرب كمال حسني أحد النجوم التي ظهرت واختفت دون أن يحس بها أحد، علي الرغم من أن صوته العذب الشجي المليء بالحزن، وأيضا بالابتهاج، كان قادر أن يكون منافساً قوياً للعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، المصادفة الغريبة أن الأثنان جاءوا إلي الدنيا في نفس العام من 1929 وأن اختلفت الأيام حيث ولد كمال حسني في 18 ديسمبر، وتخرج من كلية التجارة، والتحق بعدها للعمل في البنك الأهلي المصري كمحاسب، وبالعودة إلي الوراء للتعرف علي بداية هذا الشاب، الذي غني في فرقة الأناشيد بمدرسته الابتدائية، وكان وقتها مغرم بموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، وفريد الأطرش الذي غني معظم أغانيهم في حفلات المدرسة الثانوية، إلي أن ظهر عبد الحليم حافظ وقام بتأدية أغانيه كلها، بداية من "صافيني مرة"، و"لايق عليك الخال"، و"علي قد الشوق" وظل كمال حسني كما هو يغني للعندليب، حتي أشار عليه الأقرباء والزملاء بأن يقدم في الإذاعة المصرية في برنامج "ركن الهواة" وكان من بين أعضاء لجنة التحكيم حسني الحديدي، وأمين عبد الحميد رئيس قسم الغناء بالإذاعة والملحن علي فراج، وأعجبوا بالصوت الجديد كمال حسني والتشابه القوي بينه وبين عبد الحليم حافظ.
من هنا بدأت نجومية كمال حسني المؤقتة في الظهور، وطلب منه الإذاعي الكبير حسني الحديدي أن يأتي إليه في مكتبه، وتقابل هنا مع الكاتب الصحفي موسي صبري، والملحن إبراهيم حسين، الذين قالوا له أن ماري كويني تريد مقابلته والاتفاق معه علي المشاركة في بعض الأفلام التي تنتجها، ووعد الكاتب موسي صبري الجميع أن يكتب عن هذا المطرب الجديد المعروف باسم كمال الدين محمد محمد، واختاروا له اسم جديد هو "كمال حسني" علي اسم حسني الحديدي.
ذهب كمال حسني الشباب إلي مكتب ماري كويني في الاستديو، وكان يجلس بجوارهم السيناريست محمد مصطفي سامي والمخرج إبراهيم عمارة وأحمد والي، وأرادت ماري أن توقع مع كمال حسني علي عقود ثلاث أفلام يقوم هو فيها البطل.
بدأ المطرب الشاب بروفات التمثيل مع الفنانة أمال فريد، وبعد مرور أيام، طلب ماري كويني من المخرج تغير البطلة والأتيان بفنانة قوية ولتكن شادية، عندما سمع كمال حسني اسم شادية، أصيب بالتوتر والقلق والخوف وكانت وقتها نجمة كبيرة ملآ السمع والبصر، وبدأ تصوير أول فيلم له والأخير بعنوان "ربيع الحب" وكان أول مشهد يجمع بين كمال وشادية في أغنية "لو سلمتك قلبي واديتك مفتاحه" ارتبك كمال أكثر من مرة وشعرت شادية أنه متوتر، طلبت من أن يهديء وقالت له اعتبرني واحدة صاحبتك مالكش أصحاب بنات، ومن هنا كانت كلمات شادية المهديء لكمال حسني وانتهي تصوير الفيلم، وبدأ موسي صبري حملة مقالات بعنوان "المطرب القادم الذي سوف يتربع علي قمة الغناء" ومن هنا بدأ كمال حسني الطريق إلي النجومية ولم يكن وقتها قابل عبد الحليم حافظ، إلي أن تقابلوا في نقابة الموسيقيين حيث كان ذاهبا لعمل بروفة، ونادي عليه عبد الحليم حافظ وأخذه كمال بالحضن وطلب منه عبد الحليم أن يتقابلوا وكان اللقاء الثاني في الإذاعة عندما تقابل الاثنان وطلبت المذيعة من عبد الحليم أن يغني أغنية "غالي علي" لكمال حسني والأخير يغني أغنية لعبد الحليم بعنوان "توبة".
كانت مقالات الكاتب الكبير موسي صبري بداية تعكير العلاقة بينهم حيث أكد من خلال مقالاته أن كمال حسني قادر علي هز عرش عبد الحليم حافظ الغنائي، وبدأت العلاقة بينهم يحدث فيها فتور، وتدخل الحاقدين وينقلون الكلام حتي صعق كمال حسني بما رأه من مؤامرات وأفعال لم يكن قادرع علي الصمود عليها وقرر أن يبتعد عن المجال الفني ويكتفي بالعمل كمحاسب في البنك الأهلي.
كان كمال حسني غني مجموعة من الأغاني جاءت بعنوان"صباح النور علي البنور"وغالي عليه، ولو سملتك قلبي، وعند بيت الحلو، ويا أسمر يا سكر، ورمضان كريم، وسلامات، وياريت يا حبيبي، وخلاص نسيتني، وأنا هنا والقلب هناك، رسيني علي حالي، وسنمضي معا، وغيرها من الأغاني مع فيلم "ربيع الحب" بطولته مع شادية وشكري سرحان وحسين رياض، وغني مع مجموعة من الأغاني مع الفنانة شادية في هذا الفيلم الذي أخرجه إبراهيم عمارة، ولم يكمل الفيلمان الأخران الذي وقع عقودهم مع الفنانة ماري كويني.
بعد فترة طويلة من الزمن عرف كمال حسني أنه وقع فريسة للخداع والكذب داخل الوسط الفني ورجع إلي البنك، وساءت حالته النفسية وقرر الهجرة إلي إنجلتر وترك مصر نهائيا، علي أن يعمل بالتجارة، تعرف علي زوجته في أحد البنوك وكانت تدعي بوسانيا، وأنجب منها ثلاث أبناء، وظل هناك حتي رحل عبد الحليم حافظ لمدة 8 سنوات ليعود بعد ما يقرب من 30 عاما في أواخر التسعينات، ولم يعود إلي الفن بل غني بعد الأغاني الدينية فقط، واختار العمل في التجارة في مصر ولم يرضي إلا بالقليل الذي قدمه في الفن ليرحل عن عالمنا في 1 أبريل من عام 2005 في القاهرة.