“غادة الكاميليا”.. ملكة الجمال التي دفعت حياتها ثمنًا لصدق حبها
الحب.. أحد أهم العوامل التي لا يمكن الاستغناء عنها في الحياة، فبدونه يتحول العالم إلى غابة تشوبها الكراهية التي قد تؤدي إلى القتل وسفك الدماء وقصة غادة الكاميليا، واحدة من أشهر القصص العالمية التي تعلمنا منها كيف يمكن أن يكون الحب الصادق.
أقتبس الكثيرون من السينمائيين أحداث أفلامهم الرومانسية من قصة غادة الكاميليا، لما تحويه من أجمل معاني الحب، وعلى الرغم من أن بطلة هذه القصة كان عملها الذي تعتمد عليه لجلب الرزق هو مزاولة “الدعارة”، إلا أنها وعندما خفق قلبها، كان حبها صادق نقي، لذلك لم لا تبحر معنا عزيزي القاريء لتعرف من هي بطلة غادة الكاميليا الحقيقية، وما هي أهم الظروف التي مرت بها في حياتها، لكي تتحول إلى ملكة يلهث وراءها الطبقة العليا في باريس.
ماري دوبليسيس، هذه هي بطلة قصتنا، بدأت معاناتها في طفولتها التي قضتها في قرية أورني نورماندي الفرنسية، فحينما كانت في الخامسة من عمرها، حينما رأت والدها وهو يحاول قتل والدتها، التي فرت، ولم تراها ماري بعد ذلك، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد أجبرها أبيها على التسول من سكان القرى الريفية في فرنسا، وعلى الرغم من كل هذه المعاناة، لك المفاجاة عند معرفة بداية سيرها في طريق الرذيلة.
قبل أن تصل ماري إلى سن البلوغ، وهي لا تزال في المراهقة، كانت فائقة الجمال، وهو ما حرص أبيها على استغلالها، فقد سلمها لرجل مسن من إحدى القرى الفرنسية مقابل حفنة من المال، وذلك لمعاشرتها دون زواج.
بدأت ماري في علاقتها المحرمة مع المسن العجوز وعاشت معه لفترة، قبل أن تصل إلى مرحلة البلوغ، لكن وعندما بدأت علامات البلوغ، واجهاتها ماري بالصراخ وظلت تجري في كل مكان، وكانت تعتقد أن الدماء التي تنزف منها هي الإنتقام الإلهي منها بسبب الحياة المحرمة التي عاشتها مع الرجل العجوز.
يمكن القول أن ماري دوبليسيس، هي ضحية بشاعة وحقارة أب تجرد من الإنسانية، فعندما ظلت تصرخ من الدماء التي رأتها، جاءت سيدة من سكان قرية أورني نورماندي وشرحت لها ما تتعرض له، وإنها ببساطة بدأت في مرحلة البلوغ، وأخذتها معها لكي تعيش حياة طاهرة، لكن وبعد فترة قصيرة، جاء أبيها إليها ليوضح أنه وفر لها عمل في العاصمة الفرنسية في قلب المدينة، وعندما تمكن من أخذها، أحتجزها في كوخ لعدة أيام وأغتصبها عدة مرات.
مات أبيها بشكل مفاجيء، حزنت عليه كثيرا وظلت تبكي لدرجة جعلت المحيطين بها في قرية نورماندي، ممن يعرفون تاريخه معه منذ أن باعها وهي في مرحلة المراهقة وحتى ما تعمد ممارسته معها في الكوخ البسيط، وبعدها قررت ماري أن تستغل جمالها وأن لا ينالها إلا الأثرياء ممن يتمكنون من تحقيق متطللباتها، في قلب العاصمة الفرنسية باريس، وباتت ماري دوبليسيس، أجمل ما عرف وكر الملذات للطبقة العليا في فرنسا.
خلال مشوار ماري دوبليسيس في الحياة، تعرفت على الكسندر دوماس فلس، واحد من أبناء الأثرياء في باريس، والذي حرصت على إقامة علاقة معه حرصا منها على الإستفادة منه ومن أمواله، لكن كانت هنا المفاجأة، فقد أحبته بشدة، لما يتمتع به من خصال طيبة، فوفقا للقصة التي ألفها الكاتب جوزيبي فيردي، الذي عاصر هذه القصة وقرر أن يتركها للأجيال يعرفون أهم ما تفاصيلها، فقد أنجذبت ماري إلى ألكسندر كونه تعامل معها بإنسانية في المقام الأول، وليست كونها مجرد جسم لإمرأة جميلة يريد أن يشبع رغبته معها.
يقول فيري أن ألكسندر أحب ماري بصدق لدرجة أنه قرر الزواج منها، لكن علم من لقب بـ “الرجل الأسطوري في فرنسا” أبيه دوماس فلس، الذي ذهب إليها وأكد لها أن علاقتها به سوف تكون سبب في إلحاق الأذى به وبمستقبله، فقررت ماري الإبتعاد عنه بعد أن أوهمته أنها لم تكن تحبه على الإطلاق.
رحل عنها حبيبها لتعيش الأمرين، معاناة ترك حبيبها لها، الذي لم يلمسها أحد من بعده ومعاناة المرض، حيث أصابت بالربو وظلت مريضة لفترة، وحينما علم أبيه أعترف لأبنه بكل شيء وطالبه بأن يذهب لها علها ترتاح قليلا مما هي فيه، فركض ألكسندر لتموت حبيبته بين ذراعيه.
يقول الكاتب جوزيبي فيردي، أن كل من عرف ماري تأكد من طيبة قلبها وبراءتها وصفاتها الطفولية، مؤكدا أن معرفته بها جعلته على يقين من أنه ولولا الظروف التي مرت بها، التي لم تكن هي المتسببة فيها لما كان هذا هو مصيرها.