مدحت بركات يكتب: أمهات ضد الفساد
إن لله عبادا اختصهم بقضاء حوائج الناس حببهم فى الخير وحبب الخير فيهم.. أولئك الآمنون من عذاب الله يوم القيامة.
الـظـروف والـفـقـر والاحـتـيـاج كل هـذه الـكـلـمـات تـنـطـقـهـا الـنـسـاء اللاتى يــسـرن فى طــريق الانــحـراف وهى كــلــمـات يــتـخــفى وراءهـا الـطـمـع وحب المـال وحب المـتـعـة والحـيــاة ونـسـوا الـله وابـتـعـدوا عن حكـمته فى رزق خلقه ونحن نقدم لهم نماذج من أمهات فضلوا حب الله عن حب الـدنيا ونبـدأ برسالة سيـدة من الإسكندريـة وقد بدأتها بمقدمة أعتقد أنها مبادئها التى اتخذتها فى مشوارها وقالت: أبواب التفاؤل إذا وجـدت الأبــواب كـلــهـا مــوصـدة فـى وجـهك بــأقـفــال حـديــديـة مـحــكـمـة الإغلاق وبـأســوار عـالـيـة تحـجــبك عن آمـال الحـيـاة.. وإذا كانت الـسدود تمنع انسياب الميـاه بأنهار حياتك وإذا وجدت الظلام «اخمليف» يـخـيم على صـحراء حـياتك وإذا اخـتارت لك الـدنيـا أسوأ حـلـولـهـا لمـتاعـبك وضـائـقـاتك وفـوازيـر حـيـاتك الـيـومـيـة وإذا أخذتك عــجـلـة الحـيــاة الـبـاكـيـة.. لــتـدور نـفـسـك مـعـهـا وتجـعـل قـلـبك يـدمى دمـوعـاً.. ويـقـطـر دمـاً.. ما أقـسى بـكـاء الـقـلب حـين يـنـبض حـزناً أو حين تغمره الأحزان المؤلمة الموجعة.
وإذا.. قلت «يـارب» ففى الحال وبمعجزة سمائية عجيبة وسرعة عــاجـلــة سـتـجــد الـله تجــلت عـظــمـته الــذى لا يـنــسى طـالــبـيه أبـداً المــسـتــنــجـد به دائــمــاً سـاعــتــهـا اتجه بــقــلـبـك الـدامى وبــنــاظـريك الـدامـعـتـين بــالألم إلى صـفـحـة الـسـمــاء والـرحـمـة والـعـدل الإلـهى الـرهـيب عـدل أكـبـر من كل ظـلم ورحـمـة أعـظم مـن كل ظـالم مـهـما تجـبـر فى قـسـوته وجـبـروته فـتذكـر دائـمـاً أن الـله مـوجـود يـنصف الحزنى مـنكـسرى الـقلوب هـناك فى الـسمـاء عادل مـنتـظر طـلباتك ومـنــاجــاتك لــيــريــحك من كـل هـمــومـك وأحـزانـك وســتـجــد أن كل الأبـواب انــفـتـحت مــتـاريـســهـا بـسـهــولـة لك بـقــدرة إلـهـيـة عــجـيـبـة انـفـتـحت عـلى مـصـراعـيـهـا، وتحـطـمت كل الـسـدود بـقـدرة إلـهـيـة، والجمـيل هو نـور الفرح والـسعادة الـتى ملأت قلبك بـورود الرضا والـتـفـاؤل وسـيهـدى لك الحل الـسـريع لـكل مـتـاعبك فـالحـيـاة حـقاً حلـوة.. تستـحق أن نعيـشها بـالأمل والخير والسـلام وما عليك إلا أن تـقــول يـارب فـالــله ـ عـز وجل ـ له رجــال اخـتـصــهم فى قـضـاء حوائج الـناس وجعـلهم أهلاً لهذه الحـاجة ولذلك أتـوجه بعد الله ـ عــز وجل ـ إلى رؤســـاء مــجــلـس إدارة جــريــدة الـــطــريق ورؤســاء تحريـرها لأروى لـهم قصـتى فى عـيد الأم أقـول إن الأمومـة طبـيعة ووظـيــفـة وفن.. وصـنــاعـة أيــضـاً فــهى الـتى تــصـنع الــرجـال عـلى إرادتـهـا كـمـا تـهـوى وتـخـتــار.. والـتـاريخ إذا أقـبـلت عـلـيه يـحـدثك حديـثاً لا يـنـفد عـمن صنـعـتهم أمـهـاتهم قـبل أن يـصنـعوه وكم من عظـيم صنـعه أبواه ولـو لم يكونـا من النـابهـين.. وقصـتى تبـدأ بعد أن تـوفى زوجـى الـفلاح الــبـســيط الــذى يـعــمل بــالأجـرة الــيـومــيـة وتــوفى فى حـادث ألــيم وتـرك لـى ست بـنــات فى مـراحل الــتـعــلـيم اخملتلفة ولم يترك لنا إلا ٥٨ جنيها معاشاً شهرياً لا يكفى لسداد أقـسـاط كـهـربـاء فـقط تـكــبـدت الأسـرة خلالـهـا نـفـقـات كـثـيـرة بمـا اضـطـرنى إلى الـعـمل بـالحـيـاكـة والمـشـغـولات الـيـدويـة لأنـفق عـلى أبنـائى البنات الستة حـتى حصلت الابنة الكـبرى على بكالوريوس تجـارة وتـزوجت بـفضـل الله تـعـالى والـثانـيـة عـلى لـيسـانس تـربـية إنجلـيزى وأيضاً تـزوجت والثالثـة على بكالـوريوس الإعلام جامعة القـاهرة وأيضـاً تزوجت والرابـعة حـصلت على بـكالوريـوس خدمة اجتـماعية وتـزوجت والخامسـة والسادسـة أقل تعلـيم فقد حـصلتا على دبـلوم تجارة وأيضاً تزوجتا هـذا بفضل الله سبحانه وتعالى ومـا زلت الآن فى حـاجـة لـسـداد ديـون أجـهـزة كـهـربـائـيـة كنـت قد اقـتـرضــتـهـا بـشـيك ولم أعـد قــادرة عـلى سـدادهـا الآن بـاقى عـلىّ عشـرة آلاف جنـيه لأربعـة محال تجـارية ويـهددونى بـتقـديم الشيك لـلـمــحـامى والآن لم نــعـد يمـلك إلا الــسـتـر من عــنـد الـله ســبـحـانه وتــعــالى فــنــأمـل ونــرجــو ســعــادتــكم بــالــتــوسـل إلى الــله وإلــيــكم بمسـاعدتى مالياً حتى أسدد ديوناً اقـترضتها لأستر بناتى الست وأكون مدينة لسيادتكم مدى الحياة.
حـيث إنـنى حـالـيـاً أبـلغ من الـعـمـر سـتـين عـامـاً ولـم يـعـد لدى أى مصدر رزق إلا الستر من الله عز وجل. فيارب لا تخيب ظنى وتتحقق أمنيتى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
رسالة أخرى من السيدة الأم ـ من محافظة البحيرة شبراخيت هذه قصتى قـصـتـى مـلـخــصـهــا رحـلـة شــقـاء وكــفـاح من أجل تــربـيـة أولادى الخمـسة. وكـانت بدايتى أنـنى تزوجت من عـامل بسـيط ورزقنى الله بـخـمــسـة أبــنـاء.. ثـلاثـة أولاد وبــنـتـين.. شــاء الـقــدر أن يـولــد نجـلى مصـاباً بحـالة صـرع بدأت معه رحـلة الـعلاج الطويـلة حـتى أكرمنى الـله بـشـفـائه بـعـدما أنـفـقت كل مـا أمـلك لـعلاجه ولم يمـهـلـنى الـقدر وتوفى زوجى عـليه رحـمة الله بـعد صـراع طويل مع سرطـان وتليف الكـبد.. إلخ.
تـاركاً حـملاً كبـيراً عـلى كاهـلى ولضـآلة مـعاش زوجى الـذى يــبـلغ ١٢٠ جــنــيـهــا. بـحــثت عن عـمـل ولم أجـد إلا الــعـمل فى تجارة الخضراوات والطيور.
ولـكـن كانـت الـدروس الخـصـوصيـة وأعـبـاء الأسـرة أكـبـر من دخـلى فـقـمت بـالـعـمل عـامـلـة نـظـافـة بـإحـدى الحضـانـات لـكى أقف إلـى جوار أبنـائى الخـمـسة وأسـاعـدهم لـيتـخـرج الأول «موجـه» بالأزهـر الـشريف، بتـفتـيش إيتاى الـبارود الأزهـرى، وشقـيقه الـثانى يـتخـرج ويعـمل مديرا لمـكـتب بريـد فـرعى، وشـقـيقه الـثـالث بـالـشرطـة «مـكـتب تـنفـيـذ الأحـكام» بـشــبـرا الخـيــمـة والـشـقــيـقـتــان بـكـالـوريــوس تجـارة.. ومـعــهـد الخـدمـة الاجتماعية.
وتزوج الأبناء الخمسة بفضل الله وحمده وهذا الكفاح كان من أجل أبنـائى وواصلت اللـيل بالنـهار حتى أتـموا دراستـهم ووظائفهم وزواجهم ً جميعا.
فـكـان تحـمـلى المـسـئـولـيـة بــشـجـاعـة ورفـضت فـكـرة الـزواج ً نـهـائـيـا وترمـلت على أبـنائى وواجهت الـصعاب وكـان ثمـرة هذا مكـافأة المولى ـ عز وجل ـ بـتعـليمـهم ً جمـيعـا وزواجهم رغم الـظروف المـعيـشيـة الصـعبة وتحمـلت مسئـولية الـنفقـات الباهـظة لعلاج أحـد أبنائى والآن وبـعد هذه الرحـلة الطويلة وتـقديم أولادى لخدمة الوطن ألا أستـحق تكريمى برحلة «عمرة»؟ الحقـيـقة كل أمـلى بـعد بـلوغ الـ ٦٣ عـامـا أتمـنى من الـله ـ عز وجل ـ أن يحـقق حلمى بـزيارة «قبر المـصطفى» صـلى الله علـيه وسلم، وأختتم حيـاتى بأعظم رحلة، ويكون سببـها رؤساء تحرير جريدة «الطريق» فهل تتحقق أمنيتى. أدعو المولى القدير أن يكتبها لى..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته والآن مـا رأى الأمهات اللاتى يـدفعن أبـناءهن فى تيـار الإنحراف ألا تكـون هذه النمـاذج كفيلـة بإعطـائهم الثقـة فى رحمة الـله ويعلمن أن ما عـند الله ـ هـو خير وأبـقى فما من دابـة على الأرض إلا وعلى الله رزقـها، فـازرعوا الخـير فى الدنـيا لـتحـصدوه فى الآخرة، "ومن يتق الـله يجـعل له مخرجـاً ويرزقه من حيث لا يـحتسب"، وقـد قررنا تكريم هؤلاء الأمهات.