مدحت بركات يكتب: استراحة محارب
إخواني الأفاضل.. قرائي الأعزاء.. هل تسمحون لى باستراحة؟ هل تسامحونني إذا توقفت عن الكتابة فترة؟ فلن أكذب عليكم فهذه أول استراحة وأول وقت مستقطع أطلبه في حياتي.. فمنذ مولدى حتى هذه اللحظة لم أشعر باحتياجي لهذا التوقف إلا هذه الأيام.. فما مررت به من ظروف ومواقف صعبة خلال السنوات الثلاث الأخيرة وبالأخص منذ إصدار العدد الأول من جريدة «الطريق».
يجعلنى أطلب منكم هذه الاستراحة الإجبارية.. فما مررت به خلال تلك الفترة لا وصف له إلا وصف الحرب، فكانت حربا ضد الفساد والظلم والاستبداد والحقد والغيرة والكره .. ورحلة المال والأعمال بما فيها من منافسات غير شريفة واستخدام الوساطة والسلطة والتربح من المنافسة بين رجال الأعمال والمستثمرين لانتصار البعض على الآخر.. لم تحتج منى هذه الاستراحة.
فما حدث في السنوات الثلاث الأخيرة لا يكفى قراءته لكم فى سنوات كثيرة.. ولكن أتذكر منه مشاهد لا انساها ما دمت حيا.. وبداية المشاهد هو يوم ۱/۲۹ يوم أن انضممت واشتركت مع الثوار في ميدان التحرير ويوم اشتركت معهم في معركة الجمل.. وأسعد المشاهد عندى يوم النصر، يوم تنحى الرئيس السابق مبارك عن الحكم.. ويوم تم القبض على حبيب العادلي، ولا أعرف من أين جاء باسم حبيب واسم العادلي، لأنه لا هو حبيب ولا هو عادلي.. ويوم أن شاهدت رئيس وزراء في مصر محمولاً على الأعناق من الجماهير.. ويوم أن سقط جهاز أمن الدولة الذي حوى بداخله أسوا أنواع البشر أخلاقا.. وأسعد أيام حياتى يوم حاصرت مع الثوار جهاز أمن الدولة فى ٦ أكتوبر.. الذي نفذ ضدى كل أنواع الظلم والتدمير وجلست على مقاعدهم التي حققوا معى منها ولفقوا لي الاتهامات ورأيتهم وهم مقبوض عليهم من قبل القوات المسلحة، وهم مربوطون بالحبال ويركبون مدرعات الجيش خوفا من بطش الثوار المظلومين وأني لا أذكر ذلك من منطلق الشماتة.. فاللهم لا شماتة.. ولكن وفاء لربى أن أذكركم بقدرته وعظمته وسلطانه ووفائه بوعده للمظلومين، فقد قال تعالى: «وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين ... كما لا أنسى مشهد ملايين المصريين وقد خرجوا في أول عيد حرية في مصر.. وهم يصوتون في أول استفتاء حقيقى بإدلاء آرائهم في التعديلات الدستورية.
وأني أتوجه إلى بعض الأصدقاء والإعلاميين بالإجابة عن سؤالهم الدائم لى بأننى كيف كنت واقفا ثابتا أتحدث بكل قوة وثقة واضحك معهم وأقابل الناس بالابتسام قبل بدء جلسات المحاكمة.. والتي انتظر فيها أحكاماً كبيرة ؟ فأقول لهم الإجابة هي ثقتى بالله وبنصرته لى.. وأنني على حق وأواجه الظلم والظالمين.. وراض بالقضاء وفعل الله مهما كان، لأنه هو الخير لي وها هي النتيجة أمامكم.. فأين الظالمون؟ وأين المظلومون؟.
أخي وصديقى القارئ، لا تقلق إذا اختفيت عنك فى الفترة المقبلة.. واستريح استراحة محارب، فأنا أحتاج لوقت كاف لتقييم الفترة السابقة كلها.. واستوعب هذا الحلم الذى نعيشه ويصعب تصديقه، كما أنني احتاج إلى ترتيب للأفكار والأوراق وإعادة بناء ما دمره لى الفاسدون والظالمون.. والتخطيط للمستقبل بالعمل والإنتاج والانطلاق لتحقيق الحلم الكبير، وهو الوصول إلى مصر الرائدة.. مصر القائدة.. مصر الأهرامات.. مصر الحضارة.. نحقق وعدنا لشهدائنا بأن دماءهم لن تضيع هباء.. لن تضيع ثورتنا التي أثبتنا بها للعالم أننا أحفاد عظماء بحق.. فحان وقت العمل وبذل الجهد لزيادة الإنتاج ونمو الاقتصاد.. فهيا بنا نستكمل مسيرة ثورتنا.. ويكون شعارنا .. كلمة سيدنا موسى عليه السلام «وعجلت إليك ربي لترضى».